رد مجلس الاعيان على خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الرابعة لمجلس الأمة الثامن عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على النبي العربي الهاشمي الأمين
صاحبَ الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم
السلام عليكم، قائدَ الوطن وحامي الحمى...
السلامُ على المسيرة، المباركة المعطاءة، المكللة بالعز والسؤدد، التي تزهو بأريجِ الشهادة والتضحيات الجسام...
والسلام على جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية، وعلى كلِّ عينٍ باتت تحرسُ في سبيلِ الله...
والسلامُ على الأردنيين، وعلى الجباهِ التي لم تنحنِ إلا لله، وبعد...
يتشرف مجلس الأعيان بأن يرفع إلى مقامكم السامي أسمى آيات الشكر والعرفان لتفضـل جلالتكم بافتتاح الدورة العادية الرابعة لمجلس الأمة الثامن عشـر.
ولقد جئنا من تحت القبة - التي أقسمتم في رحابها، قبل عشرين عاماً: "أن تكون حافظاً للدستور ومخلصاً للأمة"؛ لنتشرف بالمثول بين أيديكم في رغدان العامر، عرينِ العرب ومحطِ آمالِ الأمة، حيث بايع أحرار العرب جدَّكم المؤسس؛ نستذكرُ العمامةَ البيضاءَ الشريفةَ، وتاريخاً من الوفاء والإخلاص، سطره آباؤنا وأجدادُنا خلف الراية الهاشمية المظفرة، معتصمين بحبلِ الله، ولواءِ آل بيتِ رسولِه الكريم، عليه أفضلُ الصلاة والتسليم؛ ونجدّد القسم جميعاً: أن نبقى الأوفياء والجند المخلصين، لمليكنا المفدى، الذي عرفناه، على عهد آبائه وأجداده، رائداً لا يعرفُ إلا الصدقَ وقائداً يمتلك على الدوام زمامَ المبادرة تلو المبادرة، مخلصاً لوطنه، متفانياً في خدمته، صادقاً مع أمته وشعبه... ويشهد علينا اللهُ والمكان والزمان.
صاحب الجلالة...
ترتفعُ هاماتُنا اعتزازاً وفخراً، بقرار جلالتكم الشجاع بإنهاء العمل بالملحقين الخاصين بمنطقتي الباقورة والغَمر في اتفاقية السلام، وإعادتهما إلى حضن الوطن المنيع وسيادته التامة.. مما أثلج صدورَ الأردنيين والعرب وقلوبَ المؤمنين.
صاحب الجلالة...
رغم كل الصعوبات والتحديات، أشاعت فينا خطبةُ العرش السامي روحَ الأمل واليقين، فطمأنتم جلالتكم، الأردنيين جميعاً، وهم أهلُ الوفاء والإخلاص، وقد عرفوا جلالتكم، أباً نبيلاً واخاً كبيراً، لهم في قلبه الكبير المكان الأول وله في قلوبهم أعلى درجات الحب والتقدير.
وقد أثبتنا للعالم مرة تلو المرة، أنّ الأردنَّ لا يعرف المستحيل، وأن الأردنيّ لا يتراجع أمام الصعاب، بل يصمد ويثابر، ويصّر على العمل والإنجاز.
وكما حملتم الوطن في رقبتكم، فإن لكم في رقابنا العرفانَ بمنجزات عهدكم الممتدّ برعايةِ الله وحمايته، وما شهده من إنجازات نوعية، يعرفها الأردنيون، وعاشوها أمناً وإيماناً وتنميةً واستقراراً وإصلاحاً وعملاً دؤوبا، وعلاقةً فريدةً بين القائد وشعبه، لا وسطاءَ فيها ولا حواجز.
وسيبقى الأردنيون على الدوام، أهلَ الوفاء والشهامة؛ ومثالَ الصدق والشجاعة، لا تثنيهم الخُطوب يبذلون الغالي والنفيس دفاعاً عن الوطن والرسالة والمبدأ، على عهد الآباء والأجداد، البُناة الأوائل، رجالات الثورة العربية الكبرى وقادتها، الذين صاغوا كيان هذا الوطن الطيب العظيم.
وستبقى قواتنا المسلحة "الجيش العربي" وأجهزتنا الأمنية والمتقاعدون العسكريون، على قدر عزمكم وثقتكم؛ درعَ الأردن وسياجَ الحِمى، محطَّ عنايتكم، وعنوان كبريائنا وعزتنا وكرامتنا.
صاحب الجلالة...
لقد أثبت الأردنيون والجيش العربي المصطفوي، بقيادتكم الواثقة، أنهم حماة الوطن ومنجزاته؛ وأنهم في المقدمة دائماً، دفاعاً عن فلسطين الحبيبة، وقضيتها وأهلها، وجلالتكم الوصيُّ على المقدسات، الإسلامية والمسيحية، في القدس الشريف؛ أمانةً حملتموها كابرا عن كابر.
وسيواصل الأردن بقيادتكم الشجاعة القيامَ بواجبه التاريخي في خدمة قضيتنا الأولى، حتى تقوم لأشقائنا الفلسطينيين دولتُهم المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكدين على دعوة جلالتكم للمسلمين والمسيحيين دعم الأردن وجهود جلالتكم المباركة، بعدم المساس بالوضع القانوني للمقدسات الإسلامية والمسيحية والمحافظة عليها.
صاحب الجلالة...
لقد كانت توجيهاتكم السامية، للحكومات المتعاقبة، تؤكدُ على أولويّة الإنسان، وقبل أي اعتبار، وأن يلمسَ الأردنيون مباشرة، أثرَ البرامج والسياسات على مستوى حياتهم.
وإن أوامر جلالتكم للحكومة، بضرورة اتخاذ إجراءات اقتصادية ومالية، تستهدف التخفيف عن كاهل المواطن في ظل الظروف الصعبة التي يعانيها الوطن والإقليم؛ مسؤوليةٌ وأولوية، يجب المباشرةُ بها فوراً، وستلقى بإذن الله كل الدعم منا جميعا، وسنتابع من موقعنا التشريعي والرقابي، خطوات التنفيذ أولاً بأول، وصولاً إلى تحقيق رؤية جلالتكم، في خدمة الأردن والأردنيين.
وإننا ندرك بكل تأكيد، أن الهم الاقتصادي بات أكبر التحديات التي تواجه وطننا وشعبنا، وعلينا أن نتجاوزه عبر سياسات اقتصادية ملائمة، تعيد النظر في الأجور والرواتب، وتنشط الاقتصاد وتحفز الاستثمار، وتحسن جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، والإصلاح الإداري والمالية العامة وخلق فرص عمل للشباب، وكلها أمور تستوجب إعادة النظر في التشريعات، لتحقيق هذه الغايات، وبما يخفف الأعباءَ عن الأردنيين.
صاحب الجلالة...
رغم كل الأحداث والظروف الاستثنائية الصعبة، التي شهدتها المنطقة وانعكست آثارها على وطننا، لم نزدد إلا عزيمةً وإيماناً ويقيناً، وعند السؤال: (إلى أين نحن ذاهبون؟).. نجيبُ جميعاً، كما كان جوابكم واثقاً مطمئناً: بأننا ماضون إلى الأمام بخطىً ثابتة، وقد أصبحت الإصلاحات الأكثر صعوبةً خلفنا، والمستقبل الواعد أمامنا، نمضي نحوه بكل ثقة، لتحقيق طموح الوطن وأبنائه.
ونعاهدكم أن تتضافر جهودنا، مع جهود السلطتين التنفيذية والقضائية، ومع كل مؤسسات الوطن، وبتشاركيةٍ مسؤولة على أكمل وجهٍ يَـرضى الله عنه والوطن والمليك، فكلُّنا، نعم كلُّنا يا سيدي، كما تفضلتم جلالتكم، اليوم مسؤولون، وفي الغد مُساءلون.
صاحب الجلالة...
لا خوف على الوطن، ما دام إيمانكم بهِ ومعه يقينُنا؛ يفتح أمامه الآفاق، ويمهد الطّريق، فالعالم كلُّه مؤمنٌ بالأردن، مدرك لطاقاته، ويقدر إمكاناته حقَّ قدرها..
وأول شروط النهضة أن تبدأ بالعمل والمثابرة، وعمادُها الثقة والتفاؤل، ولا مكان لمن يحاول أن يشيع أجواء التشاؤم والسّوداوية والتشكيك، ويقلل من قيمة الإنجاز. وكما قلتم جلالتكم، وتقولون دائماً: "من شعبنا نستمد العزم، ومن تفاؤله نستلهم التفاؤل"، ونحن نستمد العزم ونستلهم التفاؤل من جلالتكم.
مولانا صاحب الجلالة المفدى...
لقد بادلكم شعبكم الوفي، الحب حبّاً والوفاءَ ولاءً والإخلاصَ عطاءً، وعلى الحكومات أن تكون على قدر المسؤولية، فتمضي في طريق الإنجاز، تدعمها في مسيرتها سلطة تشريعية قوية، وقضاء نزيه، وقطاع خاص نشيط، ومواطن واثق بنفسه وبمستقبل الوطن.
حماكم الله ورعاكم يا قائد المسيرة، وحفظ ولي عهدكم الأمين سمو الأمير الحسين بن عبدالله - الذي يحمل عهد عبدالله المعزز ومن قبله عبدالله المؤسس، واسم الحسين الباني ومن قبله الحسين بن علي مفجر الثورة وصاحب النهضة.
أعزّ الله ملككم وأيدكم بنصرٍ من لدنه...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته