رد مجلس الاعيان على خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة التاسع عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين، محمد النبي العربي الهاشمي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين
حضرة صاحب الجلالة الهاشمية ,الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم ...
السلام عليكم أبا حانيا على أسرتكم الأردنية المحبة...
والسلام عليكم قائدا ملهما لأمتكم العربية والإسلامية...
والسلام عليكم مليكا معززا لأردن السؤدد والعز والكرامة....
سيدنا صاحب الجلالة،
نتشرف في هذا اليوم الأردني، وفي هذه الرحاب الطيبة، بيت الأردنيين وقبلة أفئدتهم، بالوقوف بين يدي جلالتكم الشريفتين، لنتقدم من مقامكم السامي، بأسمى آيات الولاء والوفاء، وأصدق الشكر والعرفان، لتفضل جلالتكم بافتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة التاسع عشر.
مولانا المعظم،
نحن على مشارف حقبة جديدة من تجربة الأردن السياسية، وقد دشنتم يا مولانا، بإرادتكم السامية، ونظرتكم المستقبلية الملهمة، مرحلة من مراحل التحديث والتطوير لوطننا، على رأس مئويته الأولى، وفي منطلق مئويته الثانية، التي ستكون بإذن الله، بحكمة جلالتكم مئوية للنهضة الشاملة، سياسيا واقتصاديا وإداريا واجتماعيا، بخطوات ثابتة، تبني وتعزز المكاسب والتضحيات التي قدمها الأردنيون جميعا ضمن برامج واضحة، متدرجة ومدروسة.
أولى بشائر هذه النهضة أمركم الملكي بتحديث المنظومة السياسية في مملكتنا الحبيبة، وضمانتكم الملكية السامية لنتائج عمل اللجنة التي أمرتم بتشكيلها، والتي ضمت جميع الأطياف السياسية والاجتماعية، وهذا دليل على ثقتكم بأن هذه الأطياف - وإن اختلفت وجهات نظرها وتباينت آراؤها- يجمعها حب الوطن والعرش، وهذا تأكيد من لدنكم بثقتكم بالأردنيين جميعا.
هذه الثقة، وهذا الإيمان، نابعان من ضمير جلالتكم المعبر عن ضمير كل أردني وأردنية، فأنتم يا مولانا الأب للأسرة الأردنية، ترعاها وتقف على حاجاتها، وتستشرف مواطن الخير لمستقبلها، وأنتم العباءة التي تجمع ولا تفرق، ونتـقـي في رحابها غوائل الزمن.
صاحب الجلالة،
أنتم قائد المسيرة وحامي الدستور، ورمز الدولة التي تنظر إلى جميع مواطنيها بالمنظور ذاته، ولأن معيارها المواطنة، والوقوف على مسافة واحدة من جميع أبنائها وبناتها، أساسها سيادة القانون، ولأننا - بإذن الله - مقبلون على حياة سياسية برامجية حزبية فاعلة، ستصل بنا إلى مرحلة البرلمانات البرامجية والحزبية، كان لا بد من صون مؤسسات الدولة وأفرادها من التجاذبات الحزبية، فجاءت منظومة التشريعات المقترحة، لصون القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، والمؤسسات الدينية، والمؤسسات الرقابية، والسياسة الخارجية، والجهاز القضائي، وغيرها من مواقع المسؤولية ومواطنها، والخدمة العامة، التي يجب أن تخدم جميع الأردنيين والأردنيات بتجرد وحياد ، بما فيها المؤسسات التعليمية.
صاحب الجلالة،
إننا في مجلس الأعيان نعاهد جلالتكم أن ضمانتكم السامية أمام شعبكم الوفي لمنظومة التحديث السياسي ستكون النبراس الذي نهتدي به في مناقشاتنا التي ستكون مثالا للإيجابية والفاعلية.
صاحب الجلالة،
التحديث يا مولاي هو دأبكم الذي مارستموه، ودافعتم عنه طوال سنوات قيادتكم الحكيمة، وما الأوراق النقاشية الملكية إلا ترجمة حقيقية لرؤية جلالتكم في بناء الأنموذج الديمقراطي الأردني، وقد حرصت منظومة التحديث السياسي على أن تعكس مضمون هذه الأوراق، فيما يخص الانتقال إلى نهج البرلمانات الحزبية البرامجية، ووضعت التوصيات التي من شأنها إحداث تغيير ثقافي، عبر إرساء الحوار والتوافق كنهج وطني، والعمل على توسيع مشاركة الشباب والمرأة، والحرص على ممارسة المواطنة الفاعلة.
وانطلاقا من توجيهاتكم السامية المستمرة باتجاه التطوير والتحديث الشامل، تأتي ضرورة أن تكون البداية من التغيير في ثقافة الفرد والمجتمع، وصولا إلى التشريعات السياسية، والبيئة الاقتصادية، والبنية الإدارية للدولة، عبر برامج شمولية، متوازية، ومرتبطة بآليات ووسائل واضحة للمراقبة والمحاسبة، وفق مقتضيات الدستور والقانون، وجزء أصيل من هذه المراقبة، ستكون مرتبطة بالمواطن الأردني الواعي، ونابعة من علمه أن دوره في العملية السياسية ضروري وأساسي، وأن صوته في قضاياه الوطنية مسموع، عبر أحزاب تعمل وفق برامج واضحة، تعبر عن تطلعاته، وتكون لصيقة باحتياجاته، تتسم بالشفافية والصدق، لا هم لها إلا الهم الوطني، ومصلحة المواطنين.
وهنا تتجلى أهمية دور الشباب والشابات، الأردنيين والأردنيات، حاضر الوطن وعماده، ومناط الأمل بمستقبل مشرق، ومجتمع ديمقراطي منفتح. وليس بأقل منه دور المرأة الأردنية، نصف المجتمع، والمسؤول الأول عن غرس القيم الأصيلة والنبيلة في أبنائه وبناته، بالممارسة أولا، ثم بالتنشئة الواعية، لتكون النتيجة مجتمعا واعيا وفاعلا، وقادرا على محاكاة الواقع والمستقبل.
صاحب الجلالة،
إن مجلسكم يؤكد على توجيهاتكم السامية بضرورة وضع برامج واضحة متصلة بمساري التحديث الاقتصادي والإصلاح الإداري، لتجاوز نتائج وباء (كورونا) وتبعاته، وتجديد الثقة ببيئتنا الاستثمارية، وقطاعينا العام والخاص، وتوفير الفرص الواعدة للقوى العاملة الأردنية المؤهلة، وتكريس مبدأ أن كل من يعمل في الدولة هو خادم للأردنيين، وأن يكون التعاون المرن أساسا لعلاقتنا مع الحكومة في سعيها للتطوير الشامل، سياسيا واقتصاديا وإداريا واجتماعيا، فالتحديث المنشود، ليس مجرد تشريعات أو حزمة قرارات، بل هو خطة عمل وطنية، تحتاج إلى برنامج متكامل قابل للتطبيق الواقعي والقياس.
صاحب الجلالة،
سيبقى منتسبو قواتنا المسلحة الباسلة، الجيش العربي المصطفوي، وأجهزتنا الأمنية، العاملون فيها والمتقاعدون، الدرع الحامي، والحافظ الأمين، للأمن والأمان، فمنتسبوها هم العزوة والسند، للوطن وقيادته.
ولأن خطهم قد رسمته ثورة العرب الكبرى، وقادتها الهاشميون الأطهار، ستظل جميع القضايا العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين الحبيبة، على سلم أولوياتهم، كما هي أولى أولويات جلالتكم، فأنت الحامي والوصي على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية كابرا عن كابر، وكلنا في ركبكم سائرون.
صاحب الجلالة،
نقبل على هذه المرحلة الجديدة من عمر وطننا في المئوية الثانية، ونحن نحمد الله أن من علينا بقيادة حكيمة، تقدم كل ما فيه مصلحة شعبها، وهذا نهج الهاشميين الأطهار الذي لم يحيدوا عنه يوما، أدامكم الله للأردن قادة، وللأردنيين مثالا وقدوة، وحفظكم وولي عهدكم، سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني بخير حفظه، وسدد على دروب الخير خطاكم.
مولانا المعظم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.