accessibility

الرد على خُطب العرش السامي

رد مجلس الاعيان على خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة التاسع عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي العربي الهاشمي الأمين

حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم .

حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الخير خطاه. 

السلام على عميد آل البيت قائد مسيرة البناء والنماء وحادي الركب ومعقد الأمل والرجاء.

سلام الولاء والوفاء والإخلاص لعرشكم الهاشمي، ولولي عهدكم الأمين، ولمئوية تليها مئوية في ركب بني هاشم الأطهار، يقودون الوطن نحو خير يليه خير ومنعة تتلازم مع منعة. 

صاحب الجلالة الهاشمية، 

يملؤنا الاعتزاز ونحن نمثُل بين يديكم الشريفتين، وقد ازددنا ثقة وعزما وأملاً، بعد أن استمعنا وأبناء شعبكم الأردني العزيز، إلى خطبة العرش السامي، في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة التاسع عشر، التي حملت خلاصة حكمتكم وسامي توجيهاتكم لممثلي شعبكم المخلصين، الحاملين رسالتكم ورسالة الوطن لما فيه خيره وخير الأمة.

صاحب الجلالة،

 لقد كان لمجلس الأعيان عظيم الشرف في حمل الأمانة الوطنية التاريخية، المتمثلة في التحديث الشامل الذي أمرتم به جلالتكم، فعلى الصعيد السياسي، وبعد التوافق الوطني، تم إنجاز التعديلات الدستورية وقوانين الانتخاب والأحزاب والتشريعات الضامنة، لتمكين المرأة والشباب، التي مهدت الطريق ليصل الأردن إلى برلمان حزبي برامجي، كما أراده جلالة سيدنا للأردن الجديد في مئويته الجديدة.

وبعد انتهاء اعمال الورشة الاقتصادية التي ضمت ممثلي القطاعين: العام والخاص التي أمرتم بها جلالتكم، سيسهم مجلس الأعيان، وضمن صلاحياته الدستورية، مع حكومتكم في تحقيقها، ليلمس الأردنيون تعافي اقتصادهم الوطني.

صاحب الجلالة،

 إن توجيهكم السامي بأن تشهد المرحلة القادمة عملا حثيثا لا يعرف الخوف أو التردد أو التراجع، عماده الإنجاز، وهدفه نهضة شاملة يستشعر المواطن أثرها، سيكون نبراسا لعمل مجلس الأعيان، خلف رايتكم، نستنهض به الهمم والجهود، وننادي بغاياته السامية في المحافل جميعها.

كما أننا سنعمل على تشجيع تبني توجيهكم السامي من كل الأفراد والمؤسسات، حتى نصل جميعا، خلف رايتكم وتحت قيادتكم إلى ما تطمحون إليه من دولة الإنتاج، ذات الاقتصاد المنيع القادر على خلق فرص العمل، لتحسين مستوى معيشة الأردنيين والأردنيات، وتشجيع الاستثمار تحت مظلة منظومة سياسية ديمقراطية قائمة على المشاركة الشعبية التي يحتل فيها الشباب والمرأة الموقع الذي يريدون ويستحقون.

الأمر الذي يتطلب، كما تفضلتم سيدنا، إتمام الجزء الثالث من منظومة التحديث والإصلاح الشامل، واللبنة الأساسية منه، إدارة عامة كفؤة مرنة، لا ترهل فيها ولا تقاعس، تعمل بأحدث الوسائل وأسرعها، من أجل الانتهاء من إشكالات البيروقراطية المفرطة والحلقة المفرغة من ازدواجية الاجراءات والتشريعات.

صاحب الجلالة،

 هذا الوطن بناه جيل بعد جيل من المخلصين، المؤمنين به وبقيادته ورسالته، ولن يضيره دعاة السوداوية، الذين يرون أو لا يريدون أن يروا الكأس إلا فارغا، بالرغم مما فيه من خيرٍ كثير، ويبحثون عن السلبيات وسط المنجزات، متجاهلين التحديات الجسيمة التي عصفت وتعصف بجميع أرجاء المعمورة، وما أُنجز منذ عهد المغفور له الملك المؤسس، حتى عهدكم الميمون، هذا العهد الذي حمى الأردن ويحميه من الانزلاق في مهاوٍ مدمرة.

ومن أجل هذا الوطن ورسالته، وإخلاصا لشعلة العمل والبناء التي تحملونها كابرا عن كابر، نعدكم مولانا أن نعمل في إطار الصلاحيات الدستورية الموكولة إلينا، من حيث الفصل المرن والتعاون مع حكومتكم، من أجل دعم سيادة القانون وتعزيزها، وتطوير البيئة التشريعية في المجالات كافة، وتجاوز كل العقبات والتحديات التي تقف في طريق النهضة الوطنية الشاملة التي نحن بصددها اليوم، ضمن منظومة أساسها العدالة والمساواة، لا تفرق بين مواطن وآخر، إلا بمقدار ما ينجز ويقدم لوطنه وشعبه.

صاحب الجلالة،

 وأنتم تقودون السياسية الخارجية الأردنية، وتمثلون صوت الحكمة الذي يثق به العالم من مشرقه إلى مغربه، جعلتم الأردن في عهدكم محجا لكل ساع إلى الحق والحقيقة، ومهوى أفئدة الأشقاء والأصدقاء، وواجبنا أن نبني على هذه المكانة، ونغتنم هذه الفرصة، من أجل تعزيز موقعنا الاقتصادي، لا كمركز جذب للاستثمار وحسب، بل لتحقيق ما ناديتم به جلالتكم دوما، من أن يكون الأردن مركزا إقليميا للمشاريع الكبرى والحديثة والمستدامة، التي تعود بالنفع المباشر والحقيقي على الوطن والمواطن، ونحن أهل ذلك والأجدر به، لما يحمله وطننا الصغير في مساحته، الكبير في إمكانياته وقيادته وشعبه من ميزات جغرافية وديمغرافية قادرة على تحقيق النهضة الشاملة.

فالأردن نتاج حلم العرب الكبير وحامل مبادئ الثورة العربية الكبرى بالاستقلال والوحدة والحياة الفضلى، سيظل مسانداً لقضايا أمته العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين التي     لا استقرار لمنطقتنا وعالمنا دون استقرارها، ضمن حل عادل وشامل، ووقف كل اعتداء وانتهاك لحق أهلها وأرضها، مع العمل، كما تفضلتم يا سيدنا، لتمكينهم اقتصاديا، ليكونوا جزءا من أي مشاريع اقتصادية إقليمية، دون مساومة أو مهادنة على حقهم في انهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.

واننا لنعتز يا مولانا، بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، التي تحملون أمانتها التاريخية، محاطين بمحبة وعرفان المؤمنين في العالم أجمع، والشعبين الشقيقين على ضفتي النهر.

واسمح لنا سيدنا قائد الوطن والقائد الأعلى لقواتنا المسلحة، أن نوجه تحية الإجلال والاحترام والتقدير إلى القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي المصطفوي- وإلى نشامى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية العاملين والمتقاعدين، الأصدق قولاً والأخلص عملاً الذين قدموا ويقدمون التضحيات والبطولات في سبيل وطنهم.

رحم الله شهداءنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم على أرض فلسطين، وفي الذود والدفاع عن مملكتنا الحبيبة وما تتعرض له الأمة العربية، وكذلك المساهمة في قوات حفظ السلام على امتداد المعمورة.

صاحب الجلالة،

 نجدد الشكر والعرفان لجلالتكم على ما تفضلتم به من افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة، ونعاهدكم كما عاهدناكم دائما أن نظل الجند المخلصين للوطن، والخدام الأوفياء لشعبه، ومصالحه، وأن نعمل بكل ما أوتينا من قدرة وعزيمة، لنصل إلى تحقيق تطلعاتنا الوطنية، ضمن رؤية جلالتكم للأردن الجديد، مقتدين بحكمتكم،  سائرين على خطاكم الثابتة الرشيدة.

نسأل الله أن يحفظ جلالتكم لوطنكم وشعبكم وامتكم، وأن يحفظ  صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد المعظم.

والله ولي التوفيق

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مولانا المعظم. 

كيف تقيم محتوى الصفحة؟