الرئيسية

الرئيسية
Printer-friendly versionPDF version

مجلس الأعيان // مديرية الإعلام والإتصال – قال رئيس مجلس الأعيان الدكتور عبد الرؤوف الروابدة إن الرسالة الملكية للحكومة بإجراء تعديلات دستورية باتجاه تفعيل وزارة الدفاع، تمثل تطوراً لحاجات الدولة وبالتالي يتطلب ذلك تطور التشريع وعلى رأسه الدستور.
وأضاف الروابدة في حوار مع «أسرة الدستور» أن الانتقال للحكومة البرلمانية يتطلب إبقاء قيادتي الجيش والمخابرات بعيدتين عن التسييس، حيث أن عظمة ما قام به الأردن منذ العام 1957 قيامه بإبعاد الجيش عن التسييس، مؤكداً بالوقت ذاته أن عملية الدفاع لا يجوز أن تكون خارج صلاحيات الحكومة البرلمانية، وهذا يعني أن وزارة الدفاع بقسمها العسكري المعني بالحرب والاستعداد لها والتسليح ستكون من صلاحيات جلالة الملك الحَكم بين جمع المكونات في الدولة، والقسم الآخر الخدمي الإداري والطبي والمالي يكون مناطاً بوزارة تكون مسؤولة أمام البرلمان في خطوة نحو الحكومة البرلمانية.
وأكد الروابدة في الحوار الذي حضره رئيس مجلس إدارة «الدستور» العين الدكتور تيسير الصمادي، وأداره الزميل محمد التل رئيس التحرير المسؤول، أنه لا يوجد شعب في العالم كان أكثر التزاماً بالقضية الفلسطينية مثل الشعب الأردني، حيث وقف معها ودفع ثمنا مباشرا وآخر غير مباشر في سبيلها.
] الدستور: جلالة الملك وجَّه رسالة لرئيس الوزراء بتعديلات دستورية تطال تعيين قادة عسكريين، وتفعيل وزارة الدفاع، وصلاحيات الهيئة المستقلة للانتخابات،.. بصفتك أحد المشرِّعين الكبار في هذا البلد، وصاحب قرار في التشريع، وصاحب رؤية وتاريخ في التشريع، كيف تنظر إلى هذه الرسالة الملكية في مجال الإصلاح، هل نحن نسير فعلاً إلى الملكية الدستورية، وهل نسير أيضاً إلى حكومات برلمانية وحزبية؟
الروابدة: أنا موجود في «الدستور» التي أحبها، وأحب الدستور، وأي بلد تريد أن تعيش فيه عليك أن تتقيد بدستوره، وعندما تعتقد أن هناك حاجة لتطويره تعدِّله لأنه ليس قرآناً وإنما هو حاكم القوانين ويمثل تصورات الدولة للمستقبل، فكلما تطورت حاجات الدولة لا بد أن يتطور التشريع وعلى رأسه الدستور، لكن الدستور ليس مثل القوانين والأنظمة، فلا نفتحه إلا في مراحل وخطوات تؤثر على الإصلاح.
الجزء الأول منه مستقر لدينا، نريد للهيئة المستقلة للانتخابات أن تشرف على كل انتخابات رسمية، في البداية لم يكن لديها القدرة، وأجهزتها لم تكن قد تكوَّنت، وقوانينها وأنظمتها وتعليماتها وسجلاتها لم تستثمر، ولذلك قيل بأن ندعها للانتخابات النيابية، والآن المطلوب أن تشرف عليها وتديرها، لأنه في القانون هي التي تدير وتشرف على الانتخابات النيابية، وتشرف على الانتخابات الأخرى التي يكلفها بها مجلس الوزراء، والمطلوب الآن أن تدير وتشرف، وأعتقد أن هذه قاعدة مستقرة لدينا، وقد آن الأوان ألا تجري وزارة الداخلية الانتخابات النيابية، وكذلك وزارة البلديات ألا تجري الانتخابات البلدية والانتخابات المحلية، وإنما تجريها هيئة مستقلة، ولا أعتقد أن هناك حوارا على ذلك.
الموضوع الثاني، وقبل أن نتكلم عن الصلاحيات علينا أن نتحدث عن التغيير الأساس بإعادة وجود وزارة الدفاع، وتحويلها من شكل إلى موضوع، فنحن حتى مطلع الستينيات كان لدينا وزارة دفاع والآن هي موجودة شكلاً، لأنها معطاة كحقيبة لرئيس الوزراء دون أن يكون هناك وزارة، فهو يمارس عمل الوزير بشخصه.
والرسالة التي فهمتها أن هناك محاولة تقسيم بين صلاحيات القوات المسلحة إلى صلاحيات تتعلق بـ»الهاردوورك» للقوات المسلحة، وهو الحرب والاستعداد لها لحماية الوطن، أما الأمور المساعدة والإدارية فتكون تابعة لوزارة الدفاع، سواء كنا نتحدث عن خدمات طبية أو المؤسسة الاستهلاكية أو «كادبي»، والشركات الاستثمارية، فكل هذه الأمور لا تكون جزءا من نشاط العملية العسكرية إنما تكون جزءاً من نشاط وزارة الدفاع، وهي خطوة في العملية البرلمانية، أن تصبح الوزارة ممثلة لجميع الأجهزة في الدولة، لا توجد أجهزة خارج إطار الوزارة، فإذا كنا نعمل باتجاه الحكومة البرلمانية في مرحلة قادمة فإنه لا يجوز أن تكون الحكومة البرلمانية خارج إطار عملية الدفاع، هذا هو المنطلق، لكنك في مرحلة لا بد أن تضع ضوابط في المراحل الأولى لحماية الديمقراطية، ولحماية الانتقال للمرحلة الجديدة، أن يكون هذان المنصبان بعيدين عن التسييس، لأن عظمة ما قمنا به في الأردن أننا منذ العام 1957 أبعدنا الجيش عن التسييس، وهذا الذي حمى الأمن والاستقرار، لأن تسييس الجيوش العربية هو الذي أدى بنا إلى الانقلابات والثورات وكل هذه الأمور.
فلضمان عدم التسييس والانتقال للحكومة البرلمانية فإن هذين المنصبين يبقيان في سلطة رأس الدولة وهو الحكم بين كل القوى، والدستور به نص يتيح ذلك، فالمادة 45 من الدستور تقول إنه يتولى مجلس الوزراء جميع الشؤون الداخلية والخارجية للدولة، باستثناء ما عهد به بموجب هذا الدستور أو أي قانون إلى أي شخص أو جهة أخرى.. وهذا جرى تعديله في آخر تعديل للدستور، حيث كان هناك نص وليس قانونا، إلا ما عهد به بموجب هذا الدستور أو بأي تشريع آخر، فمارست الحكومات وضع أنظمة تسحب صلاحية من مجلس الوزراء، وهو أمر ليس مريحاً، الآن تسحب من صلاحيات مجلس الوزراء ما يقبله ممثلو الشعب، لأنه عندما تقول قانونا فتعني أنه صادر عن مجلس الشعب وليس صادراً عن الحكومة، تتنازل عن جزء من صلاحياتها.
] الدستور: ما جاء على لسان رئيس الوزراء اليوم وهو استئذان جلالة الملك للشروع بالتعديلات الدستورية يناقض أيضاً الدستور، فالمادة 30 من الدستور تقول إن الملك يمارس صلاحياته من خلال الوزراء، والمادة 40 تقول إن الملك غير مسؤول أو غير محاسب، وبالتالي إذا أصبح جلالته هو الذي يعيِّن فإنه يصبح مسؤولا، وهذا يتناقض مع الدستور، ما تعليقكم؟
الروابدة: المواد من 30 إلى 39 تتحدث عن صلاحيات جلالة الملك، فجلالته يعلن الحرب، ويعقد المعاهدات والاتفاقات، والمادة 40 قالت إن الملك يمارس صلاحياته بموجب إرادة ملكية يوقعها رئيس الوزراء أو الوزير والوزراء المختصون ويثبت توقيعه فوق تواقيعهم، هذا صحيح، لكن هناك مادة أخرى تقول إن الملك يعيِّن رئيس الوزراء، ومادة أخرى قالت إن الملك يعيِّن مجلس الأعيان ويعيِّن رئيس مجلس الأعيان، فهذا لا يتعارض مع المادة لأن هناك نص المادة 45 التي تقول إن مجلس الوزراء يتولى الشؤون الداخلية والخارجية باستثناء ما عهد به بموجب هذا الدستور، إذن الدستور عهد للملك برئيس الوزراء وبمجلس الأعيان، فالتوسع بهما ليس مخالفة دستورية،.. فإذا كتب بالدستور أصبح دستورياً، والذي يكتبه في الدستور ممثلو الشعب.
((.. أنا أتحدث كشخص وليس كرئيس مجلس الأعيان، فمجلس الأعيان ينطق باسمه رئيسه فيما يقرر، لكنه لم يقرر شيئا في هذا الموضوع، فأنا هنا أتحدث برأيي الشخصي، فأنا لا أنطق باسم المجلس إلا بما يقرر)).
] الدستور: الآن واضح أن الرسالة الملكية تتضمن الانتقال بشكل واضح إلى ملكية جديدة، ملكية أقرب إلى الفهم الدستوري، وكأننا نريد أن ندخل هذه المعركة الإصلاحية بنقلات محسوبة، أكثر تطوراً.. فهل ترى أننا دخلنا في مرحلة انتخاب مجلس الأعيان؟
الروابدة: كلا، فالدول نوعان، إمَّا دول بسيطة، أي وحدة واحدة مثل: الأردن وسوريا ولبنان والعراق، أو دول فيدرالية مثل: أميركا وبريطانيا.
في الدول الفيدرالية هناك مجموعة وحدات تجلس مع بعضها البعض كل منها دولة، فمثلاً أميركا فيها عدة ولايات، وهي دول وليست ولايات، هذه الدول تتفاوت بعدد السكان، فصنعوا مجلسين منتخبين، واحد يمثل الشعب وواحد يمثل الولايات، فهناك تمثيل للشعب على عدد السكان، وهناك تمثيل للولايات .. فالولاية التي لها مليونان لها اثنان ومن لها ستون مليونا لها اثنان، حتى لا تشعر الولايات الصغيرة بأن هناك سيطرة، حتى الصلاحيات هي لمجلس الولايات وهو مجلس الشيوخ. والدول الفيدرالية تأخذ المجلس الواحد المنتخب، لأن المجلس الثاني كيف ننتخبه. والمحافظات في الأردن ليست ولايات، وتتمايز بأعدادها، أنت قمت بعمل المجلس الثاني بسبب غياب الحزبية، لأن الديمقراطية الحقيقية لا تقوم إلا على التعددية الحزبية، حالياً أنت تنتخب النواب على صفاتهم الشخصية ويندر من الأحزاب من يوصل نائباً للبرلمان، وبالتالي لا يوجد جهاز داعم للنائب للتشريع فقط، ولذلك بعض الدول تنشئ المجلس الثاني، مجلس خبراء، فما دام أسلوب الانتخاب موحدا، ليسآ منتخبين بطريقتين مختلفتين ولا يمثلان قاعدتين مختلفتين، ولذلك أقول إنه بعد قيام الحزبية والحكومة البرلمانية يبدأ النظر بالمجلس الثاني، ومدى الحاجة له وأسلوبه وصناعته، قد يأتي يوم بعد قيام الحركة الحزبية تكون فيه مجالس منتخبة بطريقة غير مباشرة، كأن تشارك الغرف التجارية والغرف الصناعية، بمعنى آخر لا يوجد انتخاب مباشر، رئيس غرفة صناعة عمان ورئيس غرفة صناعة إربد وممثلون للنقابات وممثلون للعمال والمهنية، لكن كما قلنا تختلف الصلاحيات.
حالياً مجلس الأعيان له نصف صلاحيات دستورية، وهو التشريع، وفي موضوع الرقابة على الحكومة شكلي، لأنه لا يوصل إلى حجب الثقة ومنحها، فهو فقط يبدي رأياً، سلطة الرقابة السياسية هي سلطة نيابية كاملة.
] الدستور: يبدو من القراءة الأولى أن هناك محاولة لتحييد القوات المسلحة عن أي لبس أو التباس يظهر في المنطقة، خاصة أنها تدخل في مجال الأعمال الحرة.. فإلى أي مدى سيكون وزير الدفاع منصبا تنفيذيا فخريا، طالما أن القوات المسلحة لن تكون جزءا من وزارة الدفاع، أم أن الوزارة ستكون مظلة قانونية لكل الأجهزة السيادية في الدولة والأجهزة الأمنية؟ .
-الروابدة: قلت إن المؤسسة العسكرية فيها طرفان، فهناك «هاردوير» و»سوفت وير»، «الهارد وير» دعها تكون عسكرية مجردة، فنحن نتحدث عن «السوفت وير»، تلك الخدمات التي ليس لها علاقة بالعملية العسكرية بتاتاً، وهي الخدمات الطبية والمؤسسة الاستهلاكية والتعبئة والشركات و»كادبي» والمدارس، فهذه ليست عملية عسكرية، فهي مثلها مثل أي عملية مدنية أخرى، هذه ستكون صلاحيات وزير الدفاع، وبالتالي أنت جئت بجزء كبير ونقلته للحياة المدنية البرلمانية، بمعنى آخر أنك لأول مرة فتحت الجزء الأساس للقوات المسلحة للرقابة البرلمانية كاملة غير منقوصة. فهذه آرائي، وأنا أتوقع أن يكون الأمر كذلك، لأن هذا الكلام سيحتاج أكثر من سنة لأننا بحاجة لإعادة النظر في القوانين والأنظمة الكثيرة حتى نصوغ ذلك.
أعتقد أنها نقلة للحياة البرلمانية أنك فتحت جزءاً رئيساً وكبيراً للحياة البرلمانية والرقابة عليها.
] الدستور: اليوم تم إعلان فشل مفاوضات القاهرة بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي، وبدأ تحشيد عسكري من الجانب الإسرائيلي، ويبدو أن الأمور ذاهبة لجولة جديدة من القتال والمعارك.. بحسب تقييمك إلى أين تتجه الأمور؟
الروابدة: أريد التحدث عن الدور الأردني، هل نتحدث عن الشعب أم عن الحكومة؟ إذا تحدثنا عن الشعب هل هناك شعب أكثر من شعبنا التزاماً بالقضية الفلسطينية ووقوفاً معها واهتماماً بها ودفع ثمنا مباشرا وثمنا غير مباشر؟
ثانياً، هل يجوز لنا أن نُدين الأردن في أي يوم من الأيام؟! وعندما نقول الأردن والأردنيون لا نتحدث عن نوع من الناس موجود جدَّه السابع وجدَّه العاشر في الأردن، بل نتحدث عن كل الأردنيين، على اختلاف دينهم وعرقهم وأصلهم ومنبتهم، هل هناك من هو أكثر التزاما بالقضية الفلسطينية منهم؟! منْ في الأمة العربية لديه مثل هذا الالتزام بالقضية الفلسطينية؟!
من أوَّل شعبٍ وقف إلى جانب الشعب الفلسطيني منذ العشرينيات،..؟! أول اجتماع لدعم الشعب الفلسطيني كان العام 1920 في قرية قم أو شقم، في منزل الشيخ ناجي العزام، اجتمع عليه كل الشيوخ ونتج عنه تشكيل حركة ثورية حاربت ضد المستعمرات الإسرائيلية في شمال فلسطين وكان أول شهيد، الشهيد مفلح عبيدات وأقاربه، من سبقهم؟! ثم كل الحشد لقوى الدعم بالإضرابات والمظاهرات والمال والمجاهدين والمناضلين وكل ذلك، لماذا هذا الكلام يُنسى ونُعاقب عليه؟!
الثمن أن نشقَّ هذا الوطن إلى مكونات، فهذا هو الهدف وهذا هو المخطط، وهذا مخطط طويل المدى. هل الشعب السوري وقف مع القضية الفلسطينية أكثر منا؟! هل حرَّر الجيش السوري شبراً من فلسطين؟! هل حرَّر الجيش المصري شبراً من فلسطين سوى الاحتفاظ بغزَّة؟!
لا أتكلم كشرق أردني، بل أتكلم كأردني، لأن محاولة تقسيمنا عرقياً، ودينياً، ومنبتاً، هي الكارثة، وهذا ما قاموا به، فالآن نجد هناك ضفاويا وغزاويا، هناك هوية وطنية جديدة ظهرت وهي الضفاوي والغزاوي، فهل من مصلحتنا هنا أن نحيي هويتين على الأرض الأردنية؟!
] الدستور: هل تعتقد أن الإصلاحات التي جرت في الأردن كافية، وهل ترى أن الظروف المحيطة بالأردن كانت سببا بتجاوز مرحلة ما سُمِّي بالربيع العربي؟
الروابدة : العدالة هي أسلوب حكم وليست إصلاحا سياسيا، فلم يتم وضع أي نص في العالم بأن العدالة إصلاح سياسي، بل العدالة مقصد للإصلاح السياسي، نحن لم نصل إلى العدالة لغاية الآن، ولم نصل للإصلاحات الكاملة، نحن ما زلنا على الطريق. ما يحدث في فلسطين يؤثر علينا وما يحدث في غزَّة كذلك، وايضا الذي يحدث في سوريا ولبنان و السعودية و مصر، نحن لسنا أنبوب اختبار.
الإصلاح لا يقف يوماً ما، الإصلاح يحتاج أحياناً إلى تسريع وأحياناً إلى تبطيء، لكن لا يقف إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، وأقول إنه لا يوجد إصلاح سياسي كامل دون أحزاب صادقة، لأن الحياة الديمقراطية تقوم على أكتاف الحزبية.
الأصل ان تكون الأحزاب ديمقراطية، رأيها يحتمل الخطأ ويحتمل الصواب، وتقبل بالاحتكام لصناديق الاقتراع، هذه الأحزاب العقائدية التي عاشت في بلادنا لا تؤمن بالشعوب، ولذلك لجأت للانقلابية، إمَّا أنها خسرت أو نجحت، وفي الحالتين سجون ومناف ومعتقلات ووأد للديمقراطية.
الجانب الآخر ظروف المنطقة خدمت الأردن، خدمتنا جداً لكنها لم تكن الأساس، بل الأساس الذي قمنا نحن به، ثم جاءتنا الخدمة.
أقول إن من حق كل مواطن في بلدي أن يطالب بطرد السفير الإسرائيلي، وأن يطالب بسحب السفير الأردني وأن يطالب بإلغاء وادي عربة، لكن عندما نأتي لسلطة الدولة فالدولة لا تعبث ولا تستجدي، فالدولة ترى ما هي مصالحها ومصالح مستقبلها، نحن الآن المنفذ الوحيد لفلسطين، والرئة الوحيدة، لكن لنفترض أنه تم إغلاق هذه الرئة، من سيرضى بذلك؟! وأريد تذكيركم، فبعد حرب العام 1967 تركنا النهر مفتوحا للدخول والخروج، فاعتبرت خيانة،.. مع أن فتح هذه الحدود بين الضفة المحتلة والأردن استدراج للعرب للتعامل مع إسرائيل، لكن بعد ذلك رأينا أنه إذا قمنا بالإغلاق ايضا اعتبر ذلك خيانة!
هل المطلوب من الدولة الأردنية أن تكون عبثاً لكل عابث، أم يكون لها موقف تدرس فيه قدراتها؟! فالدول التي تتجاوز قدراتها تنتهي والدول التي تتجاوز دورها تنتهي أيضا، فمن حق رئيس الوزراء أن يقف أمام مجلس النواب ويقول إنه يستطيع عمل ذلك الأمر أو لا يستطيع .
] الدستور: هنالك مفاهيم وأحداث جديدة بدأت تظهر على الساحة الأردنية، منها العنف المتزايد، وإطلاق النار، وعلى المستويات المختلفة.. فسياسياً بدأت تظهر مفاهيم الحقوق المدنية وغيرها، كيف تنظرون إلى ذلك؟
- الروابدة: الحديث عن التطور والتكامل والحفاظ على مجتمعاتنا يكون بإعادة العمل نحو تكامل النظام العربي، لأن أي دولة من دولنا وحدها في مهب الريح، وهو في مرحلة انهيار النظام العربي انهياراً كاملاً، وأفضل مثال على ذلك ماذا كان وقع أحداث غزَّة على دولنا، هناك انهيار للنظام العربي، فأصبحت كل دولة وظيفتها حماية ذاتها، بل أكثر من ذلك من كثرة ما أوقعونا بهموم أصبح اهتمام المواطن بذاته، دخله وتدريس أبنائه وإيجاد الوظائف لهم، اهتماماتنا القومية واهتماماتنا الوطنية تراجعت ولم تعد موجودة، الآن كل دولة من دولنا إذا فكرت بأن يتم ذلك فلن تستطيع القيام به، ولا الدول الغنية، لأنه يجب عليها أن تخاف من أن وجود الفقر على حدودها خطر عليها، هذا الواقع الاقتصادي الذي يعيشه بلد كالأردن، كارثة تحول دونك أولاً ودون التفكير بحلول، نحن جزء من الكل، فيجب أن نحمي أنفسنا لنكون جزءاً من أمتنا، إذا لم يعد إحياء النظام العربي فستبقى الدول ضعيفة في مواجهة أي قوى اختراقية، والقوى الاختراقية أصبحت من داخل المجتمعات.
نأتي للحقوق المدنية، كل بلد في الدنيا تدرس أوضاعها هي وليس أوضاع غيرها، هناك دول تستورد لاجئين لتجنيسهم لأنها تحتاجهم، إذن أنت في مرحلة عليك أن تدرس كل أمر وكيف يؤثر على أوضاعك السياسية والاقتصادية، والقفز فوق الأفكار السياسية بالموضوع الإنساني كارثة. وكل سوري يحق له أن يدخل الأردن ولا يجب منعه من ذلك، لأننا نتكلم عن العروبة والإسلام، وكل عراقي أيضاً صاحب حق بدخول الأردن، والجميع يطلب إيقاف هذا النزيف السوري والنزيف العراقي، لأننا نفكر بفرص عملنا، فإذن الأساس أن نعمل على أن يعود النظام العربي، وعندما يعود تتساند دوله، ألم تخرج الأمَّة العربية من المعركة؟ ألم يقل القادة العرب إن السلام خيار استراتيجي؟ فالخيار يكون حربا وسلاما، فعندما نقول إن السلام خيار استراتيجي معنى ذلك أنه لا يوجد حرب، إذن هدف التحرير لم يعد قائماً إلا في التلفزيونات ومحطات الإذاعة؟
] الدستور: في ضوء الحديث عن الإصلاح السياسي.. كيف تنظر إلى ذلك بربطه بإمكانيات الدولة وظروفها؟
الروابدة: قانون البلديات و اللامركزية سيوضع على موقع رئاسة الوزراء خلال أسبوع ليعلق الناس عليه، هكذا أعلن رئيس الوزراء، ويجب أن ننتظر لنرى الإعلان، وقد أقرَّ القانون شكلاً، وليس موضوعاً، وقد قرروا مبدأ جميلا بأن يتم وضعه على موقع رئاسة الوزراء ليتم سماع التعليقات على ذلك تمهيداً لتقديمه لمجلس النواب في الدورة العادية.
في موضوع قانون الانتخاب، كان يتم العمل عليه، وحصلت ضجة بأنه إذا تم وضعه فهذا يعني حلَّ مجلس النواب، فكأنما تقول لمجلس النواب بألا يقره، أعتقد ما استقر عليه الرأي ألا يقر إلا في نهاية السنة الثالثة من عمر مجلس النواب، ويحتاج لستة أشهر لإقراره، فيجب ألا يتم تهديدهم به.
لكن يجب أن نمرر أولاً اللامركزية، لأن قانون اللامركزية والبلديات يؤثر على أعداد النواب، والجميع مقتنع بأن الـ150 عدد متضخم في بلد مثل الأردن، إذنً علينا في البداية أن نبدأ هناك. وأنا منذ حوالي 18 سنة وأنا أكتب أن الإصلاح السياسي هو في قانون البلديات واللامركزية وليس في قانون الانتخاب، والسبب لأنه في غياب حركة حزبية فاعلة، فإن النواب ينتخبون على صفاتهم الشخصية، وعند وجوده عليه أن يخدم الأغراض التي جاء بها، فأصبحت وظيفته أن يركض وراء الوزراء للخدمات، ففقدنا عنصر الرقابة، فلا يوجد حل إلا أن ترسل الخدمات للميدان ويصبح للميدان نوابه، وهي المجالس المحلية، فيصبح تفرغ النواب للرقابة السياسية والتشريع، وعندها يكون العدد كافيا.
] الدستور: أنت من أكثر السياسيين الأردنيين الذين كانوا واضحين بموضوع فلسطين، حتى قبل أحداث غزَّة كان صوتك عالياً في الحديث عن القدس والأقصى وهنالك أكثر من تصريح لك، وكانت تصريحاتك تنم عن عروبةٍ و دينٍ و تقديرٍ شديد لفلسطين.. برأيك، بعد ما حصل في غزَّة، ما هو أفق العلاقة الأردنية الفلسطينية؟
الروابدة: عندما نتحدث كأردنيين عن فلسطين لا نتحدث عن جارٍ، بل نتحدث عن أنفسنا، فلسطين هي نحن، وقلت قبل ذلك أن الأردن قدم لفلسطين الكثير، وأكثر من غيره من الدول جميعاً، لأننا الأمُّ الثكلى، فليست النائحة كالثكلى، لذلك نحن لفلسطين وفلسطين نحن، وتاريخنا يثبت ذلك، ولا يتقدم علينا في هذه العلاقة أحد.
الآن في مرحلة التحرير أي حديث عن العلاقة الأردنية الفلسطينية هو إبراء لذمة إسرائيل من الحق الفلسطيني، والحق الفلسطيني في هذه المرحلة هو حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس، بعد أن تقوم هذه الدولة فلن يستطيع أحد أن يتدخل بيننا، فنصبح واحدا.
الوطن البديل مطلباً فلسطينياً، ولا الحقوق المنقوصة مطلب فلسطيني، نحن حقنا ناقص عند إسرائيل، والفلسطيني لا يقبل الجنَّة بديلاً عن فلسطين إلا بعد أن يموت، إذن الوطن البديل ليس مشروعاً فلسطينياً بل هو مشروع إسرائيلي، ومقاومتنا له ليست مقاومة للفلسطيني، شريطة أن نعرِّف كلمة فلسطيني، لأننا كسياسيين أردنيين لدينا مشكلة، لا يقع فيها أي عربي، الفلسطيني هو ذلك المواطن الذي يحمل الجنسية الفلسطينية ويقيم على أرض فلسطين، وفي الأردن ليس لدينا فلسطينيين إلا من قطاع غزَّة، بل لدينا أردنيون من أصل فلسطيني، ولذلك لا أحد يفسر كلمة فلسطيني لدينا أنها مخيم الوحدات، من هو في الأردن هو أردني من أصل فلسطيني، ولذلك عندما نقول الحق الفلسطيني هو على أرض فلسطين وليس خارجها، وحقي ناقص في مواجهة الإسرائيلي، وعندما تتحرر نجاوب بعضنا ونقول إننا نصبح واحدا.
فالحديث عن العلاقة الفلسطينية الأردنية قبل التحرير يؤذينا كدولة أردنية وكشعب فلسطيني، ويؤذي الطرفين، والآن معركتنا مع إسرائيل لإثبات الحق الفلسطيني، لا يوجد لدينا معركة ثانية. هذه قناعاتنا المطلقة وهي ليست بجديدة، هذا يقال دائماً.
البعض يقول إنه حصل على جنسيته الأردنية بالوحدة، لكن هذا غير صحيح، لقد حصلوا على الجنسية الأردنية قبل الوحدة، العام 1949 صدر قانون الجنسية، وأعطى الجنسية لكل فلسطيني، ولذلك الانتخابات التي جرت العام 1950 جرت بين أردنيين، ويجب الانتباه لأمرين، أن الوحدة الأردنية الفلسطينية كانت مشروطة ولم تكن وحدة مطلقة، اقرأوا قرار مجلس النواب والأعيان الأردني، أن هذه الوحدة مع الاحتفاظ بحقوق الشعب الفلسطيني في التسوية النهائية وفقاً لأحكام القوانين الدولية، وأيضاً اجتمع مجلس الجامعة العربية وقرر طرد الأردن من الجامعة بسبب الوحدة، وصوتت إلى جانب ذلك خمس دول، ورفض التصويت عضوان، هما: العراق ولبنان، والقرار لا يتم إلا بالإجماع، ماذا قالوا: يكون الجزء الذي اتَّحد مع الأردن وديعة لحين التسوية النهائية للقضية الفلسطينية، فالضفة كانت وديعة لدى الأردن بقرارين، مجلس النواب والأعيان الأردني ومجلس الجامعة العربية، فعندما طلب الوديعة أصحابها أخذوها، الآن إذا أردنا التحدث عن علاقة وحدوية عندما تقوم دولة، وحينها نستطيع التحدث، أما قبل ذلك فهذا الكلام غير وارد.
يجب أن يكون هنالك فهم مشترك لدى الناس للخروج من ضلالة الإقليمية التي يمارسها طرفان مستفيدان، راقصان على الحبال، فعندما يخرجون من الحكم يصبحوا إقليميين، فإن دخلوه تذوب الإقليمية.
ثانياً بالتعامل مع فلسطين حالياً، نحن نتعامل مع فلسطين على أنها دولة قائمة، وليست دولة مؤقتة ولا دولة غير عضو ولا دولة غير مصوِّتة، نحن نتعامل معها كدولة قائمة لها سفارة ولنا سفارة لديها، لا نتعامل مع تنظيم، بل نتعامل مع السلطة وليس مع تنظيمات، فالتنظيمات صاحبها الشعب الفلسطيني الذي يقرر من هو صاحب الصلاحية من عدمها، لا يفرض ذلك على الشعب الأردني بأن نفتح خطا مع هذه التنظيمات.

( الدستور- الخميس، 14 أغسطس/آب، 2014) 14 / 8 / 2014

كلمة رئيس المجلس

يشكل اطلاق البوابة الالكترونية (الموقع الالكتروني) لمجلس الاعيان ، انطلاقة جديدة ، وخطوة من خطوات الاصلاح والتطوير الشامل ، التي نعمل عليها ، بهدف تعزيز التواصل مع الجمهور

اقرأ المزيد

المكتب الدائم

يتألف المكتب الدائم لمجلس الأعيان من الرئيس ونائبيه ومساعديه ، حيث يتم انتخاب نائبي الرئيس ومساعديه لمدة سنتين

اقرأ المزيد

الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان

2016 - 2025