(الرأي - 13 /5/ 2014)
مجلس الأعيان // مديرية الإعلام والإتصال – بعد كل هذه التجربة الطويلة من محاولات أن تكون عندنا هنا في الأردن أحزاب فعلية وحقيقية ،إنْ في صفِّ المعارضة وإن في صف الموالاة، تكون رافداً للدولة والحكومات المتلاحقة لتصحيح المسار كل ما حدث إعوجاج أو وقعت أخطاء فإنه قد حان الوقت لتكون هناك وقفة جادة لإعادة النظر بهذه المسيرة منذ عام 1989 أو منذ صدر قانون الحياة الحزبية في بدايات تسعينات القرن الماضي.
لقد كان مقبولاً بعد عام 1989 أنْ تتحول فروع الأحزاب القومية ،والمقصود هنا هو حزب البعث الذي كان يحكم في العراق وبقايا الحزب البعثي الحالي الذي يشكل ديكوراً لهذا النظام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة في سوريا، وإمتدادات التنظيمات الفلسطينية وبخاصة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديموقراطية إلى أحزاب أردنية من حيث التلاعب بالأسماء فقط وتغيير بعض المفردات أمَّا وقد مرت كل هذه الفترة الطويلة فإنه لابد من «نقطةٍ» عند نهاية السطر ومراجعة كل ما حصل من أجل بداية جديدة تلائم واقع الحال وتستجيب لكل متطلبات الأوضاع الأردنية وقد قطعنا نحو عقد ونصف من الألفية الثالثة.
والمشكلة أن كل الأحزاب التي ظهرت ،واختفى بعضها بسرعة في حين أن بعض الآخر قد قضى ردحاً من الزمن وهو يعاني سكرات الموت، كانت مجرد نُسخٍ «كربونية» عن الأحزاب القديمة التي كان لها وجود حقيقي في خمسينات وستينات وأيضاً سبعينات القرن الماضي ولكنها ما لبثت أن انكمشت ولم يبقَ منها إلا ما تبقى من قياداتها التي تعيش على أمجاد الماضي البعيد مع أن ذلك الماضي لم تكن فيه أي أمجاد طالما أن النهايات هي هذه النهايات التي نراها الآن إن في العراق وإن في سوريا وإن في روسيا التي ورثت انهيار الإتحاد السوفياتي «العظيم» ومنظومته الإشتراكية.
كل محاولات الأحزاب الوطنية الأردنية التي كان بعضها أحزاب تكريس الزعامات العشائرية والجهوية والوظيفية السابقة القديمة وترميمها قد فشلت وتآكلت واختفى بعضها غير مأسوف عليه في حين أن البعض الآخر بات يقف على حافة قبره.. والسبب أنها نبتت خارج المسار المستجد في الأردن وأنها بقيت تدور حول نفسها وتجتر تاريخ أحزاب ماضي الأحزاب القومية واليسارية والإسلامية القديمة وأنها لم تستطع مواجهة عملية الإهتراء التي ضربتها مبكراً من خلال التخلي عن نضال الشعارات واللهاث خلف المناصب الحكومية والإتجاه إلى نضال البرامج ومواجهة التحديات الفعلية التي تؤرق الأردنيين والتي تقف في طريق أجيالهم الصاعدة.
وحتى بالنسبة لـ»الإخوان المسلمين» الذين بدل أن يستغلوا الفرص ويسارعوا إلى تعبئة الفراغ الذي نجم عن ضمور الأحزاب اليسارية والقومية وعن عدم قدرة الأحزاب الوطنية المستجدة على الوقوف ،والأسباب هنا كثيرة بعضها ذاتي وبعضها موضوعي، فإن كل ما فعلوه هو أنهم أصيبوا بالغرور بعد ما اعتبروه انتصاراً لتنظيمهم العالمي وفروعه وهو أنهم لجأوا إلى «التعيُّش» التنظيمي والسياسي على الشعارات الفارغة وعلى الإستعراضات البهلوانية وعلى الإختلافات التي حققوها بسبب تراجع «الآخرين» في النقابات المهنية.
لقد بقي «الإخوان» يقفون عند تجربتهم في خمسينات القرن الماضي وإنَّ كل ما فعلوه هو أنهم ،للتلاؤم الخادع مع متطلبات قانون الأحزاب، قد اخترعوا واجهة حزبية لهم ،حزب العمل الإسلامي، من نفس طينة «الجماعة» وعجينتها وبالتالي فإنهم قد أضاعوا فرصة ثمينة لم يستطيعوا الإستفادة منها بإشغال انفسهم وإشغال الدولة وأجهزتها بـ»الفوارد» الأسبوعية إلى ساحة الجامع الحسيني التي ثبت أن هدفها هو خداع الأردنيين وإشعارهم بأنها تقود الجماهير الغفورة والغفيرة.. والتي رفع بعض قادتها شعار :»إننا قادمون» بينما هم لم يتقدموا ولو بمقدار خطوة واحدة.
وهنا فإنه عليَّ أن أشير إلى أن تجربة :»التجمع القومي الأردني الديموقراطي» ،الذي يدل طول إسمه على أنه كان مجرد عمليات «تلصيق» لقوى وإتجاهات متعددة، كان بالإمكان تطويرها والبناء عليها لكن ما أفشلها قبل أن يصيح الديك هو أنها بصورة عامة كانت نسخة مشوهة عن التباعد والتقارب بين الفصائل الفلسطينية وأنها ما لبثت أنْ «فرطت» مع ظهور أول بصيص ضوء لعملية السلام التي بدأت بإنعقاد مؤتمر مدريد الشهير.
ولهذا فإننا الآن بحاجة ،والمقصود هنا ليس الحكومة وأجهزتها وإنما القوى السياسية المؤطرة وغير المؤطرة، ليس إلى قانون الأحزاب هذا الذي غدا كمعلقة عمرو بن كلثوم «التي ألهت بني تغلب عن كل مكرمة» وإنما إلى البدء من الصفر وعلى أساس العودة إلى فكرة الثلاثة تيارات الجبهوية-البرامجية التي ثبت أنه بغيرها سنبقى ندور في الحلقة القديمة.
• معالي العين صالح القلاب
يشكل اطلاق البوابة الالكترونية (الموقع الالكتروني) لمجلس الاعيان ، انطلاقة جديدة ، وخطوة من خطوات الاصلاح والتطوير الشامل ، التي نعمل عليها ، بهدف تعزيز التواصل مع الجمهور
يتألف المكتب الدائم لمجلس الأعيان من الرئيس ونائبيه ومساعديه ، حيث يتم انتخاب نائبي الرئيس ومساعديه لمدة سنتين