بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين
حضرة صاحب الجلالة الملك الحسين بن طلال المعظم
حفظه الله ورعاه
يشرفنا ويسعدنا أن نرفع لمقامكم السامي، أخلص آيات الشكر وأعمق مشاعر الإجلال، على ما طوّقتم به أعناق أعضاء مجلس الأعيان، من ثقة غالية، نعتز بها ونستمد منها القوة والعزم على تحمل المسؤولية وتأدية الأمانة، ونستقبلها، كما نقابلها، بالمزيد من الحب والولاء والوفاء لشخصكم العظيم، والإيمان بقيادتكم الملهمة، والالتفاف حول عرشكم المفدى، والاندفاع في خدمة الأردن العزيز والأسرة الأردنية الماجدة.
سيدي صاحب الجلالة
لقد أصغى مجلس الأعيان لخطاب العرش السامي بملء مسامعه وجوانحه، ووجد فيه، وقفة تقويمية تأملية، تتجلى فيها حكمة القائد الرائد الصادق مع نفسه وأهله في شرح الحاضر واستشراق المستقبل، كما وجد فيه عرضاً لانجازات حكومتكم الرشيدة وتوجهاتها الحميدة، كل ذلك في إطار عام، يتسع كل عام، لرسم الصورة المشرقة عن الأردن الحديث وتقدمه الحثيث.
ولقد تعززت المسيرة الديمقراطية الدستورية باستئناف الحياة النيابية العامة، بعد أن افتقدتها البلاد عقدين طويلين من الزمن، بسبب الظروف الاستثنائية القاهرة.
وجاء قرار جلالتكم بإجراء الانتخابات العامة، حدثاً بارزاً ومنعطفاً تاريخياً فرح بهما شعبكم الوفي، وهلل لممارسة حقوقه وحرياته وتأدية واجباته ومسؤولياته. وأقبل المرشحون، بأعداد كبيرة، على خوض المعركة الانتخابية، ولم تضع الحكومة أي قيد أو شرط. وتمتع المرشحون بحرية التعبير المطلقة عن شعاراتهم وبرامجهم الانتخابية، وعقدوا الحوارات المفتوحة مع الجماهير. وفاز في هذا السباق الحاشد من فاز بثقة الناخبين الشعب الأردني الأصيل.
ويشيد مجلس الأعيان بإدارة حكومة سيادة الشريف زيد بن شاكر لهذه الانتخابات العامة، إدارة فعّالة عادلة، من حيث تنظيمها تسجيل الناخبين وتعيين مراكز اقتراعهم تنظيماً محكماً، يسر لمن مارس حق الانتخاب أو لم يمارسه من قبل الوصول السريع إلى صندوق الاقتراع والإدلاء بصوته الحر. وتم فرز الأصوات بكل دقة وحياد ونزاهة، دون إخلال بالقانون أو النظام العام. ودون تعكير لصفو الهدوء والأمن.
لقد انتصر الأردن كله في معركة الانتخابات، وشهد القاصي والداني دقة التنظيم وأمانة التنفيذ. وأمست هذه التجربة الأردنية نموذجاً متميزاً ومثلاً حياً، يصلح قدوة في عصر ارتفعت فيه مطالبات الشعوب إلى المزيد من المشاركة الشعبية الفعالة والممارسة الديمقراطية الحقة.
ومع اكتمال السلطة التشريعية، يقطع مجلس الأعيان الوعد والعهد بالتعاون الوثيق المخلص مع مجلس النواب الجديد من جهة، ومع السلطة التنفيذية من جهة أخرة في سن التشريع الأنسب ومراقبة التطبيق الأمثل. نحن فريق واحد يعمل بروح الفريق الواحد. ومهما اختلفت الآراء والاجتهادات، فلا بد أن نلتقي، في المطاف الأخير، على صعيد الهدف المشترك الاسمى. ولحمة هذا الهدف الحرص الأكيد على النظام الملكي النيابي الذي ارتضيناه لأنفسنا وقادنا في معارج النهضة والتقدم، ونفتديه بالمهج والأرواح، وسداه التمسك بالدستور والعمل الصابر المثابر على إعلاء شأن الوطن وعزته ومنعته، وإسعاد مواطنيه وإحاطتهم بنعمة الأمن والعيش الكريم ومظاهر التحديث والحضارة.
سيدي صاحب الجلالة
وبالرغم من الانشغال المكثف لحكومة جلالتكم بالانتخابات العامة، وبالأزمة المالية والنقدية، فإنها لم توفر جهداً في تقديم الخدمات العامة واستكمال المشروعات الانمائية، وإجراء بعض الإصلاحات الإدارية، والجهد الذي يستحق الثناء والتقدير، ولكننا سنركز على أمرين:
الأمر الأول:
هو ما بناه الأردن من أسس راسخة وبنية تحتية قوية، يمكن الاستناد إليها في استمرار المسيرة الخيرة والانطلاق منها لمواجهة الأزمات والتحديات. وقد ترافق مع هذا البناء، الإجماع على الثوابت والمرتكزات التي تنظم المسيرة. وفي طليعتها:
الإصرار على الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية والحرص على الأمن الوطني بشقيه الداخلي والخارجي. وضمان الأمان وصمامه، هما "الجيش العربي" وأجهزة الأمن العام، مما يقتضي دعمهما وتزويدهما بحاجتهما من الأسلحة والمعدات المتطورة، ومن هذه الضمانات أيضاً وعي المواطنين بمسؤوليات المواطنة الحقة في صيانة الأمن والدفاع عن الوطن.
والأمر الثاني:
هو هذه التوجهات المستقبلية البارزة في خطاب العرش، والتي نعلق عليها أهمية كبرى، ومنها:
الحرص على الحرّيات العامة والتّمتع بكامل الحقوق الانسانية والسياسية وتوكيد استقلال القضاء والتواصل المستمر مع الهيئات الأهلية والشعبية، وتشجيع الإبداع الفكري والفني، والبحث عن الطاقة واستغلالها، وشحذ التطوير التربوي، وبناء السدود وأهمها: سد الوحدة وتطوير الانتاج الزراعي بجدية وتشجيع الصناعات المتطورة، وتوفير المواد الغذائية والدواء وتشجيع جمعيات حماية المستهلك، وإنشاء صندوق التنمية والتشغيل، وإغناء صندوق المعونة الوطنية، وتنفيذ برنامج للتطوير الإداري في مدة محددة. وعدم التسامح مع التسيب الإداري والفساد المالي، ومكافحة الجريمة الاقتصادية، ودعم أجهزة الرقابة والتفتيش، وحماية البيئة ... لقد وردت هذه التوجهات في خطاب العرش السامي، وهي تحظى من مجلس الأعيان بكامل الترحيب والتأييد، ويضع المجلس نفسه في خدمتها من حيث الدراسة والتخطيط، وبالتالي، في سن التشريعات الناظمة لهذه الفعاليات، إذا لزم الأمر. ويجدر بنا في هذه الرؤية المستقبلية، إعارة مسألة تزايد السكان ما تستحقه من عناية وتأمل. ذلك أن هذا التزايد سيفرض التزامات باهظة من الخدمات العامة، لا سيما: الغذاء والماء والإسكان والتعليم ... وتنذرنا بطالة المتعلمين بأن أخطارها لا تستتر في حرمانهم من المشاركة في الخدمة والانتاج فحسب، لكنها كامنة أيضاً، فيما ينبعث في صدورهم من احباط ومرارة ونقمة. ولا بد لذلك من إعادة هيكلة القوى البشرية والمواءمة مواءمة سريعة بين التعليم والاختصاصات من جهة، وفرص العمل والحاجات الجديدة من المهن الانتاجية، من جهة أخرى، لئلا تتضاعف أعداد العاطلين عن العمل، ولضمان الاستفادة من القوى العاملة على أفضل وجه لصالح الاقتصاد الوطني.
سيدي صاحب الجلالة
وفي التعريج على الأزمة المالية والنقدية التي جثمت بكابوسها على الصدور، يذكر مجلس الأعيان توصيته لمواجهة المشكلات والاختلالات، التي قدمها في وقفة مماثلة بتاريخ 6/11/1986، من حيث دعا إلى:
زيادة الانتاج الزراعي والصناعي والسياحي، ومضاعفة تصدير السلع والخدمات إلى الخارج، ومكافأة المنتجين وتشجيعهم على الاستمرار في العطاء، وتعزيز الموقف المالي للخزينة، وتنمية احتياطيات المملكة إلى المستوى الآمن، ومعالجة البطالة الهيكلية الداهمة.
في إطار برنامج متكامل للتكيف والتقشف، واضح المعالم والأولويات، تجند في إدراك مراميه ومقتضياته مؤسسات الحكم المحلي والمشاركة الشعبية، ووسائل الإعلام والرأي العام، والتطوير الإداري المنشود مع الاستمرار في متابعة الأداء ومراقبته والمحاسبة على الخطأ، والحرص على نظافة اليد، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
لقد صدرت هذه التوصية الوقائية قبل ثلاث سنوات، وقبل وقوع الأزمة واستفحالها بسنتين على الأقل. ونعتقد أن تطبيق برنامج التكيف والتقشف من مركز أقوى، كان كفيلاً بتفادي الأزمة أو معالجتها قبل استفحالها. ومع الأسف الشديد، لم يؤخذ بهذه التوصية، وخاصة في نواحيها المالية والنقدية.
ونود أن نؤكد من جديد نجاعة هذه التوصية في الإسهام بالخروج من هذه الأزمة بثبات وقوة لتصبح نهجاً وطنياً تصحيحياً.
إن السبب الأقوى لأزمة الدينار، وتخفيضه، وتردي قوته الشرائية، وانخفاض مستويات المعيشة، هو النضوب الكبير الذي حصل في السنوات الأخيرة وأثر سلبياً على احتياطيات المملكة الرسمية من العملات الأجنبية، ولم يأت هذا الوضع وليد الصدفة، فمن ناحية، أدت الزيادة المضطردة في الانفاق العام بدون أولويات واضحة، إلى زيادة العجز في الموازنة العامة، والذي كان يمول بالاقتراض من الخارج بالعملات الأجنبية المكلفة، ومن الداخل بالاقتراض من البنك المركزي بالدينار.
ومن ناحية أخرى، فإن الاستهلاك البذخي المنفلت على السلع والخدمات والمستورد منها بشكل خاص، قد ساهم أيضاً بنصيب وافر في تراجع موجودات المملكة من العملات الصعبة، في الوقت الذي تناقصت موارد هذه العملات وزاد الضغط على الأردن لتسديد القروض المتصاعدة، وتلبية حاجاته الأساسية الملحة، وهكذا تضافر العجز المتراكم في الموازنة العامة مع العجز الكبير في ميزان المدفوعات لتخلق ضغوطاً هائلة على الدينار فتراجعت قوته الشرائية في الدخل والخارج.
ويتقدم مجلس الأعيان لشخص جلالتكم بالشكر والتقدير على جهودكم في حشد المساعدات المالية التي قدمتها الدول العربية الشقيقة:
المملكة العربية السعودية، دولة الكويت، الجمهورية العراقية، دولة الإمارات العربية المتحدة، سلطنة عمان، دولة قطر، وإمارة دبي.
ونقدم أيضاً مزيد الشكر لهذه الدول، ونأمل بالمزيد من هذا العون
ويثني مجلس الأعيان على جهود حكومتكم في إعادة جدولة القروض الخارجية، والتأكيد باستقلالية البنك المركزي وضبط النفقات وزيادة الإيرادات.
وهنا نوصي أيضاً بتبني قاعدة الموازنة المتوازنة ما أمكن، ووقف الاستهلاك البذخي والاستمرار الانتاجي في ظل مراقبة حكومية مستنيرة.
إن تاريخ الأردن في الأداء والنماء والانتماء، لم يتوقف عند أزمة سياسية أو نكسة عسكرية، أو اضطراب داخلي، فقد تجاوز الأردن بحكمة القائد ووعي الشعب والعمل الجاد، هذه الأزمات وخرج منها بقوة وثبات. وسيخرج أيضاً من هذه الأزمة الحالية قوياً مرفوع الهامة ناصع الجبين. وعدته الأولى حب الوطن وتعلق أبناؤه به. فكل حبة تراب مقدسة، وكل نسمة حرية شذية وكل نعمة أمن شائعة، وكل لقمة عيش كريمة، هي أعز على القلوب وأغلى، وتهون في الحفاظ عليها التضحية والصبر الجميل، وشعبنا الطيب قادر عليها التضحية والصبر، كما هو كفيل بالإقبال على الانتاج ومضاعفته والانتاج وحده، لا القعود والاستهلاك والاتكالية، سبيل الخلاص والفرج.
سيدي صاحب الجلالة،،
لقد ورثتم رسالة الثورة العربية الكبرى في الحرية والوحدة والحياة الفاضلة، كابراً عن كابر. وغيمانكم بهذه الرسالة الخالدة ثابت في الكيان والوجدان. وهو محور مركزي في سياسة الأردن العربية، يربطكم به وديعة المسجد الأقصى الملك الحسين بن علي عز مثواه، وشهيد المسجد الأقصى الملك عبد الله بن الحسين طيب الله ثراه ... من هذا المحور المركزي، أديتم مسؤولية الأردن نحو المسجد الأقصى وبيت المقدس، والقضية الفلسطينية وحمل الأردن قسطاً كيبراً من أعباء تشريد الشعب الفلسطيني ولجوءه ونزوحه، واشتراك في معاناته وآلامه، واقتسم معه لقمة العيش. واستجاب لمطالب قيادته في فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية، ودعم حق الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير، واعترف بدولة فلسطين فور إعلانها، وقدّم للانتفاضة الماجدة كل الدعم المعنوي والمادي، في حدود إمكاناته. وهنا يؤيد مجلس الأعيان موقف جلالتكم من القضية الفلسطينية بمسؤولية عميقة الجذور، مستمرة لا يقطعها قرار سياسي ويقف الشعب الأردني إلى جانب موقف جلالتكم من هذه القضية المقدسة شريك نضال للشعب الفلسطيني في كفاحه المجيد لاستعادة حقوقه المشروعة في وطنه المغتصب، وعلينا أن نواصل حملها وفاءاً للأمانة وتأدية للواجب القومي المقدس.
وما زلتم جلالتكم تجوبون بقاع الأرض في اقناع القادة والساسة بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، ورغبة قيادته الصادقة في السلام العادل الدائم، وقد فضحت مبادرات منظمة التحرير الفلسطينية عناد إسرائيل وعدوانها وأطماعها التوسعية، كما فضحت الانتفاضة بطش الاحتلال وممارسته الوحشية واللانسانية.
وأفضى ذلك كله إلى خلق رأي عام يؤيد المؤتمر الدولي لحل القضية وإقرار حق الشعب الفلسطيني في تأسيس دولته المستقلة في وطنه وعلى أرضه، باستثناء حكومة الولايات المتحدة المنحازة لإسرائيل، وقد كان أجدر بها أن تفتح بصرها وبصيرتها لرؤية الحق، وأن تضع ثقلها في الميزان لترجح كفة السلام الدائم لخير المنطقة والعالم أجمع.
ومن هذه المحورية، انطلق تأييد للعراق الشقيق في معركة الدفاع عن حريته وأمته. وإن مجلس الأعيان ليشيد بموقف العراق، بعد انتصاره المجيد، من تطوير اتفاقية وقف اطلاق النار إلى سلام عادل دائم مشرف بين الجارين المسلمين، ويهيب بالقيادة الإيرانية الجديدة أن تتجاوب مع هذا الموقف المخلص الصريح، وتجنب الشعبين الجارين شرور التهديد باستئناف الحرب المدمرة.
من هذه المحورية، انطلق التأييد الأردني لمساعي اللجنة الثلاثية العربية في إنهاء الحرب اللبنانية التي خلفت المآسي والكوارث والدمار، وأفعمت ضحاياها القلوب بالأسى والحزن والمرارة. فكانت دعوة الأخوة اللبنانيين للتعاون مع رئيسهم المنتخب وحقن الدماء وإنهاء المأساة، وفتح صفحة جديدة في تاريخ لبنان، تعيده واحة أمن وسلام ، وموئل إبداع وحضارة.
وفي إطار الالتزام القومي وهدفي الوحدة والحياة الفضلى، كانت لكم المواقف المشهودة في قمة الوفاق والاتفاق التي خرج منها القادة العرب أعمق إيماناً بتوحيد الصف العربي، واشد إقبالاً على العمل العربي المشترك في العلاقات البينية والدولية.
وقد رأيتم بثاقب نظرتكم المستقبلية أهمية التكتلات الإقليمية وجهودها المشتركة في تعزيز مكانة الدولة العضو فيها وإزدهار شعبها، بعد أن أمست النظرة القطرية عقبة في وجه مشروع الوحدة العربية وقيداً عقيماً على حرية حركة المواطنين وتبادل المنتوجات بهدف تحقيق التكامل الاقتصادي العربي. عبئاً على تقدم السكان والمعاملة بالمثل.
وقد تتوج جهدكم المبارك، في سبيل الوحدة، بتأسيس مجلس التعاون العربي، وقد تلاه تأسيس اتحاد المغرب العربي، وكان قد سبقه تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربي. وإذ جرى تأسيس هذه المجالس، قوى زخم الحديث عن تعديل ميثاق الجامعة العربية ليكون منبرها في توحيد المواقف من القضايا العربية المصيرية وعلاقاتها الدولية أكثر فعالية وجدوى. ونحن نرجو أن تركز الجهود المخلصة لجعل هذه المجالس الإقليمية خطوات وسيطة لوحدة عربية شاملة, وأن يوفق الله المسؤولين إلى التنبه لمؤامرات الأعداء التي تسعى إلى جعلها محاور إقليمية بديلاً عن الوحدة العربية الشاملة.
ويحمل مجلس التعاون العربي للأردن آمالاً رحبة وتحديات كبيرة. وكما فيه من أسباب القوة والمنعة، فإن من واجب الإداريين الأردنيين في القطاعين العام والخاص التفاني في تحقيق أهدافهم، ودراسة مقتضياته ومتضمناته للصناعة والزراعة والتجارة والسياحة والعمل المصرفي والجامعات ومراكز تدريب القوى البشرية للإفادة من هذه السوق الواسعة من خلال التميز في الأداء والإبداع في الانتاج.
سيدي صاحب الجلالة
إن صياغة المستقبل تعتمد إعتماداً كلياً على استشراقه واستشفافه ورؤيته النفاذة من خلال المعرفة اليقينية بحقائق الحاضر، وتحديد أهداف المستقبل، واكتشاف الوسائل الناجعة المتاحة وتوفير الوسائل اللازمة لبلوغ هذه الأهداف مرحلياً أو كلياً.
ولما كان صنع المستقبل رهناً بمدى المشاركة الشعبية والممارسة الديمقراطية، فإن مجلس الأعيان يرحب بصياغة ميثاق وطني يعرف معاني الانتماء والنماء ويحدد الأفضليات والأولويات، ويرسم لها أساليب الانجاز ووسائله، ومن ثم يكون مظلة عام بوحدة الهدف مع التعددية، وللتنظيمات الحزبية والقواسم المشتركة العظمى فيما بينها.
ولا بد لهذا الميثاق من أن ينبثق عن الدستور، فليس الميثاق بديلاً للدستور أو تعديلاً له، وليس الميثاق قانوناً دائماً ليجتاز المراحل الدستورية المقررة. إنه إطار عام للمبادئ والقيم من جهة وللسياسات والبرامج بخطوطها العريضة من جهة أخرى. وإذا حاز الميثاق على أكثرية الأصوات في الاستفتاء العام، واستندت إليه البرامج والنشاطات الحزبية، فإن هذه النشاطات والبرامج ستكون أكثر مصداقية وإتصالاً برغبات الشعب وتطلعاته. ويبقى بعد ذلك أن مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص خاضعة دستورياً لمراقبة السلطة التشريعية ومحاسبتها، وفي تقويم الأداء وتصويبه.
سيدي صاحب الجلالة
إن من نعم الله على هذا البلد الصابر المرابط، أنكم سبط رسول الله حامل رسالة الإسلام العظيم سيدنا النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم، وفي الوقت نفسه، فإنكم حفيد الثائر العربي، الحسين بن علي ووارث رسالة الإسلام وداعية الوحدة العربية والحرية والحياة الفضلى، ففيكم آل البيت تتمثل العقيدة الإسلامية كما تتمثل مبادئ وجودنا القومي، وعند عرشكم تتألف هذه العقيدة المبادئ، وتتحالف في "رسالتكم العربية الإسلامية التي حملها الهاشميون على مدى تاريخهم الطويل".
وفقكم الله وسدد خطاكم، وأمدكم بنصر من عنده، لتظلوا لنا، كما كنتم دوماً، الملك القائد القوي الأمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
يشكل اطلاق البوابة الالكترونية (الموقع الالكتروني) لمجلس الاعيان ، انطلاقة جديدة ، وخطوة من خطوات الاصلاح والتطوير الشامل ، التي نعمل عليها ، بهدف تعزيز التواصل مع الجمهور
يتألف المكتب الدائم لمجلس الأعيان من الرئيس ونائبيه ومساعديه ، حيث يتم انتخاب نائبي الرئيس ومساعديه لمدة سنتين